الأربعاء، 19 يونيو 2013

الجزء الرابع أنا والهدف والعقبات(حلقة أولى)

ما ينفعش تدعمى شخصيتك وأنتى ما عندكيش هدف فى الحياة ، الحياة مش رحلة ترفيهية، الحياة فرصة وهبها لنا الخالق عشان نختبر روحنا ووهبنا لكل واحد فينا أدوات مختلفة عشان تساعده فى تحقيق أهدافه، وهدفه هيتشكل بناء على أنتى شايفة نفسك أزاى، يعنى عاوزة تعملى إيه ولمين وبأى طريقة، والحياة فيها طريقين مش سهل وصعب لكن طريق فيه كفاح بتاخدى أنتى فيه المكافأة فى الآخر، وطريق بيبان كله متع وسعادة وبتدفعى أنتى الفاتورة فى الآخر ومش بالضرورة الآخر ده يكون آخر العمر لكن ممكن الآخر بالنسبة بمعنى أخر المشوار للكفاح أو الشقاء وبداية لمرحلة جديدة من حصد الثمار والترقى فى الحياة أو نهاية حياة كانت تبدو لطيفة ومبهرة وهى قطعة من العذاب وتحولك للشقاء، لما كنت 8 سنين بدأ إدراكى ووعيى وأسرتى لاحظت تفوقى فى المواد العلمية وذكائى فاهتموا وركزوا على النقطة دى وبدأوا يخططوا لى مستقبلى إنى هأكون طبيبة والمشكلة كانت بين ماما وبابا مش هأكون طبيبة ولا لأ ، لا المشكلة كانت هأكون طبيبة صيدلانية لأنها أنسب للبنت من وجهة نظر ماما أو طبيبة بشرية لأنها أكثر شهرة وقيمة ووضعها أفضل من وجهة نظر بابا ، أما أنا فكنت بدأت أكتب مجموعة من اليوميات بأسلوب الأطفال طبعا وكنت بأحب القراءة جدا، وأنا عندى 11 سنة وقع فى إيدى بالمصادفة قصة اسمها الأمضاء سلوى كنت بتحكى عن قصة باحثة اجتماعية مؤمنة بأن علم الاجتماع يقدر يساعد فى بلدنا دى كل الناس ويحل مشاكلهم بس لو أتوظف صح، وكأن القدر أختارنى للمهمة دى ، وحسيت أنى لازم أنجح فى اللى فشلت فيه سلوى بطلة القصة، لكن مواجهة الأهل بالكارثة دى كانت مستحيلة ففضلت ماشية فى الدراسة عادى، وبعدين جه وقت الاختيار فى المدرسة الثانوية بين القسم الأدبى والعلمى، الحقيقة كنت بأكره المواد الأدبية جدا كانت بتحتاج لحفظ وأنا ما أحبش الحفظ أبداً، وبعد ما كتبت علمى وده لكرهى للمواد الأدبية كما أشرت وخوفا من بابا وماما ليعرفوا غبتى فى دخول كلية آداب بدلا عن كلية الطب، رجعت وغيرت الرغبة لأن الهدف أنى كنت أفهم جزء من التخصص اللى ناوية أكمل فيه بقية حياتى.

وبدأت أول معاركى جوه البيت أزاى أدخل أدبى وجوه المدرسة ما بين فرحة مدرسين المواد الأدبية وحزن مدرسى المواد العلمية واللوم الشديد اللى وقع عليا وبعد وقت الكل تقبل على مضض وأن كان ده خلى بابا وماما يحسوا أنى خنت حلمهم ويتغير شكل العلاقة بينى وبينهم، وبعدين نجحت وجبت مجموع يدخلنى تربية لكنى اختارت آداب ودى كارثة من وجهة نظر أهلى ومن وجهة نظر كل الشعب المصرى لأن خريجيين تربية كانوا لسه بيتعينوا وقتها لكن خريجيين آداب هيقعدوا من غير شغلة ولا مشغلة ومش كده وبس بدل ما أختار آداب المنصورة اللى هى جنبى وقريبة من بيتى اختارت أداب القاهرة وبعد اضراب عن الطعام وبكاء متواصل وحزن وناس تعارض ودول كتير وناس تؤيد بابا وافق على الفكرة المجنونة لكن الدولة ما وافقتش بحجة أنى عندى آداب فى بلدى فاروح محافظة تانية ليه وعليه اخترت كلية بنات، وبعد صراع مرير ومنيل يستين نيلة دخلت قسم اجتماع وكده أنا كنت رسميا فى عداد الأموات بالنسبة لبابا وماما وعشت أربع سنين من الذل وخاصة لما ماما كانت بتتكسف تقول لصاحبتها أنى قسم اجتماع وما بين الحياة الصعبة فى الكلية والمناهج والمدينة الجامعية والضغط بتاع البيت وإتهام الناس ليا أنى دخلت الكلية والقسم ده عشان ما كنتش متفوقة ولا حاجة لكن كنت خايبة وفاشلة وما قدتش أضحك على نفسى أكتر من كده، المهم تحملت كل ده وعدوا الأربع سنين وطبعا كان المتوقع أرجع بلدى من سكات وأتنيل استنى أى عريس يأخدنى من بيت بابا ويريحه من خلقتى وجنانى وجه العريس وكان حاجة انتيكة أوى بعدين أحكى لكم على عرسانى وازاى كنت بأطفشهم ، ولما بابا يئس منى وافق أنى أسافر عشان أقدم على حاجة اسمها دبلومة تربوى لمدة سنة يمكن اتعين فالخيبة تقل شوية، رجعت القاهرة وقدمت بس مش فى الدبلومة التربوى فى الدراسات العليا وخلصت اجراءات تمهيدى الماجستير وقامت الدنيا وما قعدتش لكن اضطرت تقعد فى الأخر لأن بابا وماما كانوا عرفوا أن جنانى من النوع المستعصى ومعاركهم معاياى هتبوء بالفشل لأن يا أحقق اللى أنا عاوزاه يا هأفضل أتفنن فى تعذيب ضميرهم بخصوصى، وما كانش وقتها يهم بابا أنا هانجح وأكمل ولا لأ ، لأنه كان شايف أننا بلد لا بتحترم لا علم ولا علماء وأنى كده ضعت رسميا من الوظايف الميرى والدراسات العليا مضيعة للمال والوقت وقال لى بالنص(دا تحصيل حاصل)، أوعوا تفهموا غلط أنا بابا مش رجل رجعى ولا متخلف ولا بيكره التعليم للبنات بالعكس دا كان أمله أبقى انسانة مهمة بس كان شايف حقيقة الأوضاع فى بلدنا وبصراحة ما أقدرش أقول إلا أنه كان عنده حق لولا أن النداهة كانت ندهانى دا تعبير مش هيفهموه إلا المصريين ومعناه أنى كنت مسحورة وكأن فيه قوى خفية كانت بتحركنى تجاه قدرى.
طبعاً لحد هنا كنت مفكرة أنى شفت صنوف من العذاب لكن العذاب الحقيقى ابتدا من أول مشوار تمهيدى الماجستير، أولاً السكن هأسكن فين فى القاهرة وأنا اللى عمرى ما قعدت بره المدينة الجامعية حاولت البحث عن سكن لكن كان صعب لأنى كنت بأدور فى شهر 11 يعنى بعد بداية الدراسة وحجز كل السكن اللى حوالين الكلية واللى بعيد كان مستحيل، وزاد على كده رفض بابا تماما للسكن فى أى شقة مفروشة خاصة بالمغتربات ده أشبهه فى نظره كأنه بيسلم بنته للضياع فى القاهرة، واتحملونى اتنين من زميلاتى المغتربات المعيدات فى الكلية فى المدينة الجامعية عندهم لجزء من الوقت بس الوضع ما كانش مريح أبداً أبداً لكنى كنت مضطرة أتحمله لحد ما وصلت لمرحلة إنى مش قادرة أتحمله ومش كده وبس كان على تأمين دخل يساعدنى فى الصرف على الدراسة فى حالة ما أتقدم لى عريس وبابا قرر يقطع عنى الدعم المالى لمشروع الدراسات العليا عشان يرغمنى أتجوز، وربنا بعت لى الحل وظيفة مشرفة فى المدينة الجامعية شغل اربع أيام وأجازة 3 أيام مرتب معقول وأكل وإقامة وخدمة وحماية وما كنش فيه أحسن من كدهوبعد المسابقات والوسطات والكوسات ربنا وحده بس اللى يعلم أنا اتعينت أزاى لأن من غير ربنا كان الأمل فى التعيين مفقود، ورحت مشرفة فى مدينة جامعية جديدة فى مدينة نصر مع مشرفتين تانيين واحدة قاهرية والتانية من القليوبية ومشرفة تغذية وواحدة للنظافة والجميع اتعين واسطة ومجاملة ما عداى، ومن أول يوم حاولت أثبت لرئيستى أنى كفء مش حباً فى الشغلانة، لكن لأنه كان فيه شرط أن المشرفات ما يكونوش بيكملوا دراسات عليا وانهم مش مسموح لهم يقعدوا فى السكن فترة الإجازة، فكنت بأجتهد عشان تتغاضى عن الشرط ده، وواضح أن اتقانى كان بزيادة شوية لدرجة أن الدبابيس بدأت تتحط لى من كل اللى حواليا وبدأت الدسائس والمؤامرات وخاصة لما سافرت والدتى للحج وبدأوا الدكاترة يعملوا لنا حالة من التكدير ودا لفظ بيطلق على العساكر فى الجيش لما الظباط بيحبوا يكفروا سيئاتهم، فبدأوا يطلبوا أبحاث وياخدوا الغياب وكان اللى فاضل من ال20 بنت اللى قرروا يكملوا خمسة بس منهم بنت معيدة فى القسم والباقى زيى وكمان المجموعة دى ما كانتش منسجمة مع بعضها أبداً ولا حد بيدور لحد على حاجة يعنى اعتمد على نفسك يا جمعة، وما بين أخواتى الصغار والبيت وماما اللى سافرت شهر ونص حج وعمرة وما بين الدسائس اللى شحنت رئيستى عليا فى المدينة الجامعية اللى كنت فيها مشرفة والكلية وقرفها بسبب الدكاترة وغرابة تصرفاتهم إلى كلمة أنتى فاشلة  اللى كنت باسمعها فى السنة دى طول الوقت قررت أنى أخفف الضغط وأسيب شغلانة المشرفة وكان خلاص جزء كبير من السنة خلص وماما رجعت بالسلامة وقررت أنى أسافر لبلدتى وفضلت أتحمل 7 ساعات سفر كل ما أحب احضر لكليتى من بلدتى للقاهرة والعودة بالعكس ناهيكم عن عذاب المواصلات الداخلية وطلبات الدكاترة ، وقبل ما تنتهى السنى جالى عريس وحصلت قصة حلوة بعدين أحكيها وأوحى بفكرة رسالة الماجستير.

أهم حاجة حصلت لى فى السنة التمهيدى دى أنى اترميت فى بحر الحياة واتعلمت العوم والحمد لله ما غرقتش وكلمة فاشلة اللى اتقالت لى من ناس كتير أوى فى السنة دى اقسمت جوايا ليجى اليوم ونجاحى يبقى مدوى وأفكر كل شخص قالى انتى فاشلة فى أن كلمة كانت حافز ليا للنجاح لكنها كان ممكن تحطم كتير غيرى، وفى السنة دى تأكدت أن ربنا اختار نا للطريق ده وأختار الطريق ده ليا وكمان اكتشفت أنى مؤمنة بهدفى جدا ومستعدة لتحمل أى عقبات عشانة وفى السنة دى قبضت مرتب مقابل عمل كان غير تقليدى رغم أن كل الناس قالت مش هاتعين لكن على فكرة قبل ما اطلع شهادة التخرج كنت باشتغل وأسكن وأكل واقبض مرتب 300 جنيه وفى التسعينات ما كانش فيه خريج بيقبض كده وباخد 12 يوم أجازة كل شهر.
العبرة فى التجربة السابقة أنك لو كان عندك هدف فأعرفى أنك عندك شخصية والشخصية دى هيزداد تميزها بمواجهة العقبات اللى هتتحملها عشان تحقق الهدف المهم وأنتى بتحطى الهدف حط ربنا أمام عينيك وأطلبى مساعدته وتوكلى عليه واستخيريه وهو لا هيبخل عليكى ولا هيتخلى عنك، وأوعى تصدقى أنك فاشلة مهما كان اللى هيقولك الكلمة من حكاياتى الجاية هتعرفى أن زى ما فيه دكاترة كبار ومشاهير قالوا لى فى بداية سكتى ارجعى بلدك واتجوزى وما تكمليش وناس منهم قالوا لى انتى فاشلة وما تنفعيش، دكاترة أكبر منهم قالوا لى انى موهوبة وواعدة وامثالى هما مستقبل علم الانثروبولوجيا فى مصر، فلو كنتيش هتبقى مؤمنة بنفسك ماحدش هيصدقك وهتحققى كلام السلبيين عنك وهتبقى فاشلة بجد (ونكمل الحلقة الجاية). 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق